الدليل الشامل لقصص الأنـبـيــــــاء – الجزء الأول

أعداد وتنظيم : عبدالعزيز العيوني – 27‏/07‏/2024م

إهـــداء

* إلى كل من زملائي ورؤسائي في العلم والعمل

* إلى أهلي وابنائي واحفادي الأعزاء .

* إلى جميع أفراد أسرة آل العيوني وارحامهم .

* إلى القراء الكرام .

* إلى كل هؤلاء اهدي هذا العمل المتواضع .

وأسأل الله أن يكون مفيدا لكل مطلع .

عبدالعزيز عبدالرحمن اليحيى العيوني

المقدمـــة :

أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام .

بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً . كما قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) . فردّ الملائكة سائلين الله تعالى .

استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام . وليس اعتراضاً .

ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً .

كشفت لهم فطرة هذا المخلوق .

وبعد آدم عليه السلام توالت الرسل على ذريته عليه السلام .

وسميّ الرسول رسولاً . لأنّه ذو رسالةٍ ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه . أمّا النبي لغةً فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى . ومثال ذلك قوله تعالى : (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وكقوله تعالى : (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) . ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه .

والله ولي التوفيق .

عبدالعزيز العبدالرحمن العيوني التميمي

جوال  : 0507988088

أولاً : آدم عليه السلام :

أبو البشر : خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة

  • : كن فيكون :
  • علمه الأسماء .
  • وخلق له زوجته .
  • وأسكنهما الجنة .
  • وأنذرهما .
  • أن لا يقربا شجرة معينة .
  • ولكن الشيطان .
  • وسوس لهما .
  • فأكلا منها .
  • فأنزلهما الله إلى الأرض .
  • ومكن لهما سبل العيش بها .
  • وطالبهما بعبادة الله وحده .
  • وحض الناس على ذلك .
  • وجعله خليفته في الأرض .
  • وهو رسول الله .
  • إلى أبنائه وهو أول الأنبياء .

ســيرتـه:

خلق آدم عليه السلام:

  • أخبر الله سبحانه وتعالى .
  • ملائكة بأنه سيخلق بشرا .
  • خليفة له في الأرض .
  • فقالت الملائكة :
  • أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.
  • ويوحي قول الملائكة هذا .
  • بأنه كان لديهم تجارب سابقة .
  • في الأرض .
  • أو إلهام وبصيرة .
  • يكشف لهم عن شيء .
  • من فطرة هذا المخلوق .
  • ما يجعلهم يتوقعون .
  • أنه سيفسد في الأرض .
  • وأنه سيسفك الدماء .
  • ثم هم .
  • بفطرة الملائكة البريئة .
  • التي لا تتصور إلا الخير المطلق .
  • يرون التسبيح بحمد الله .
  • والتقديس له .
  • هو وحده الغاية للوجود .
  • وهو متحقق بوجودهم هم .
  • يسبحون بحمد الله .
  • ويقدسون له .
  •  ويعبدونه .
  • ولا يفترون عن عبادته .
  • هذه الحيرة والدهشة .
  • التي ثارت في نفوس الملائكة .
  • بعد معرفة خبر خلق آدم.
  • أمر جائز على الملائكة .
  • ولا ينقص من أقدارهم شيئا .
  • لأنهم رغم قربهم من الله .
  • وعبادتهم له .
  • وتكريمه لهم .
  • لا يزيدون على كونهم عبيدا لله .
  • لا يشتركون معه في علمه .
  • ولا يعرفون حكمته الخافية .
  • ولا يعلمون الغيب .
  • لقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى .
  • في بناء هذه الأرض وعمارتها .
  • وفي تنمية الحياة .
  • وفي تحقيق إرادة الخالق .
  • في تطويرها وترقيتها وتعديلها .
  • على يد خليفة الله في أرضه .
  • هذا الذي قد يفسد أحيانا .
  • وقد يسفك الدماء أحيانا .
  • عندئذ جاءهم القرار .
  • من العليم بكل شيء .
  • والخبير بمصائر الأمور:
  • إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ .
  • وما ندري نحن .
  • كيف قال الله .
  • أو كيف يقول للملائكة .
  • وما ندري كذلك .
  • كيف يتلقى الملائكة عن الله .
  • فلا نعلم عنهم سوى ما بلغنا .
  • من صفاتهم في كتاب الله .
  • ولا حاجة بنا إلى الخوض .
  • في شيء من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه .
  • إنما نمضي إلى مغزى القصة ودلالتها
  • كما يقصها القرآن .
  • أدركت الملائكة .
  • أن الله سيجعل في الأرض خليفة .
  • وأصدر الله سبحانه وتعالى .
  • أمره إليهم تفصيلا .
  • فقال إنه سيخلق بشرا من طين .
  • فإذا سواه ونفخ فيه من روحه .
  • فيجب على الملائكة أن تسجد له .
  • والمفهوم أن هذا سجود .
  • تكريم لا سجود عبادة .
  • لأن سجود العبادة .
  • لا يكون إلا لله وحده.
  • جمع الله سبحانه وتعالى .
  • قبضة من تراب الأرض .
  • فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر .
  • ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة .
  • ومزج الله تعالى .
  • التراب بالماء .
  • فصار صلصالا من حمأ مسنون .
  • تعفن الطين وانبعثت له رائحة .
  • وكان إبليس يمر عليه .
  • فيعجب أي شيء يصير هذا الطين .

سجود الملائكة لآدم:

  • من هذا الصلصال .
  • خلق الله تعالى آدم .
  • سواه بيديه سبحانه .
  • ونفخ فيه من روحه سبحانه .
  • فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة . .
  • فتح آدم عينيه .
  • فرأى الملائكة كلهم .
  • ساجدين له .
  • ما عدا إبليس .
  • الذي كان يقف مع الملائكة .
  • ولكنه لم يكن منهم .
  • لم يسجد .
  • فهل كان إبليس من الملائكة .
  • الظاهر أنه لا .
  • لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . .
  • فالملائكة .
  • لا يعصون الله ما أمرهم .
  • ويفعلون ما يؤمرون .
  • وسيجيئ أنه خلق من نار .
  • والمأثور أن الملائكة خلق من نور .
  • ولكنه كان مع الملائكة .
  • وكان مأموراً بالسجود .
  • أما كيف كان السجود .
  • وأين ومتى .
  • كل ذلك في علم الغيب عند الله .
  • ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً.
  • فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس :
  • (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)
  • فردّ بمنطق يملأه الحسد :
  • (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ .
  • هنا صدر الأمر .
  • الإلهي العالي .
  • بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح .
  • : قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ .
  •  وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين .
  • ولا نعلم ما المقصود .
  • بقوله سبحانه(مِنْهَا( .
  • فهل هي الجنة .
  • أم هل هي رحمة الله .
  • هذا وذلك جائز .
  • ولا محل للجدل الكثير .
  • فإنما هو الطرد واللعنة والغضب .
  • جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .
  • قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) .
  • لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)  .
  • هنا تحول الحسد إلى حقد .
  • وإلى تصميم .
  • على الانتقام في نفس إبليس :
  • (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
  • واقتضت مشيئة الله .
  • للحكمة المقدرة في علمه .
  • أن يجيبه إلى ما طلب .
  • وأن يمنحه الفرصة التي أراد .
  • فكشف الشيطان .
  • عن هدفه الذي ينفق فيه حقده :
  • قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ .
  • ويستدرك فيقول :
  • إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين .
  • فليس للشيطان أي سلطان .
  • على عباد الله المؤمنين .
  • وبهذا تحدد منهجه .
  • وتحدد طريقه  .
  •  إنه يقسم بعزة الله .
  • ليغوين جميع الآدميين .
  • لا يستثني .
  • إلا من ليس له عليهم سلطان .
  • لا تطوعاً منه .
  • ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم  .
  • وبهذا يكشف .
  • عن الحاجز بينه .
  • وبين الناجين من غوايته وكيده .
  • والعاصم الذي يحول بينهم وبينه .
  • إنه عبادة الله .
  • التي تخلصهم لله .
  • هذا هو طوق النجاة .
  • وحبل الحياة .
  • وكان هذا وفق إرادة الله .
  • وتقديره في الردى والنجاة .
  • فأعلن (سبحانه) إرادته .
  • وحدد المنهج والطريق :
  • لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
  • فهي المعركة إذن بين الشيطان .
  • وأبناء آدم .
  • يخوضونها على علم .
  • والعاقبة مكشوفة .
  • لهم في وعد الله الصادق .
  • الواضح المبين .
  • وعليهم تبعة ما يختارون .
  • لأنفسهم بعد هذا البيان .
  • وقد شاءت رحمة الله .
  • ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين .
  • فأرسل إليهم المنذرين .

تعليم آدم الأسماء:

  • ثم يروي القرآن الكريم .
  • قصة السر الإلهي العظيم .
  • الذي أودعه الله هذا الكائن البشري .
  • وهو يسلمه مقاليد الخلافة .
  • وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا .
  • سر القدرة .
  • على الرمز بالأسماء للمسميات .
  • سر القدرة على تسمية الأشخاص .
  • والأشياء بأسماء يجعلها .
  • وهي ألفاظ منطوقة .
  • رموزا لتلك الأشخاص .
  • والأشياء المحسوسة .
  • وهي قدرة ذات قيمة كبرى .
  • في حياة الإنسان على الأرض .
  • ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى .
  • لو لم يوهب الإنسان القدرة .
  • على الرمز بالأسماء للمسميات .
  • والمشقة في التفاهم والتعامل .
  • حين يحتاج كل فرد .
  • لكي يتفاهم مع الآخرين .
  • على شيء أن يستحضر هذا الشيء .
  • بذاته أمامهم .
  • ليتفهموا بشأنه .
  • الشأن شأن نخلة .
  • فلا سبيل إلى التفاهم .
  • عليه إلا باستحضار جسم النخلة  .
  • الشأن شأن جبل .
  • فلا سبيل إلى التفاهم عليه .
  • إلا بالذهاب إلى الجبل .
  • الشأن شأن فرد من الناس .
  • فلا سبيل إلى التفاهم عليه .
  • إلا بتحضير هذا الفرد من الناس .
  • إنها مشقة هائلة .
  • لا تتصور معها حياة .
  • وإن الحياة ما كانت لتمضي .
  • في طريقها لو لم يودع الله .
  • هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .
  • أما الملائكة .
  • فلا حاجة لهم بهذه الخاصية .
  • لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم .
  • ومن ثم لم توهب لهم .
  • فلما علم الله آدم هذا السر .
  • وعرض عليهم ما عرض .
  • لم يعرفوا الأسماء .
  • لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية
  • للأشياء والشخوص .
  • وجهروا أمام هذا العجز .
  • بتسبيح ربهم .
  • والاعتراف بعجزهم .
  • والإقرار بحدود علمهم .
  • وهو ما علمهم .
  • ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء .
  • ثم كان هذا التعقيب .
  • الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم :
  • (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .
  • أراد الله تعالى .
  • أن يقول للملائكة إنه عَـلِـم .
  • ما أبدوه من الدهشة .
  • حين أخبرهم أنه سيخلق آدم .
  • كما علم ما كتموه من الحيرة .
  • في فهم حكمة الله .
  • كما علم ما أخفاه .
  • إبليس من المعصية والجحود .
  • أدرك الملائكة .
  • أن آدم هو المخلوق الذي يعرف .
  • وهذا أشرف شيء فيه .
  • قدرته على التعلم والمعرفة .
  • كما فهموا السر .
  • في أنه سيصبح خليفة في الأرض .
  • يتصرف فيها ويتحكم فيها .
  • بالعلم والمعرفة .
  • معرفة بالخالق .
  • وهذا ما يطلق عليه .
  • اسم الإيمان أو الإسلام .
  • وعلم بأسباب استعمار الأرض .
  • وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها
  • ويدخل في هذا النطاق .
  • كل العلوم المادية على الأرض.
  • إن نجاح الإنسان .
  • في معرفة هذين الأمرين .
  • (الخالق وعلوم الأرض) .
  • يكفل له حياة أرقى .
  • فكل من الأمرين مكمل للآخر.

سكن آدم وحواء في الجنة:

  • كان آدم يحس الوحدة .
  • فخلق الله حواء من أحد منه .
  • فسمّاها آدم حواء.
  • وأسكنهما الجنة.
  • لا نعرف مكان هذه الجنة .
  • فقد لم يرد في القرآن عن مكانها .
  • واختلف المفسرون فيها .
  • على خمسة وجوه .
  • قال بعضهم :
  • إنها جنة المأوى .
  • وأن مكانها السماء .
  • ونفى بعضهم ذلك .
  • لأنها لو كانت جنة المأوى .
  • لحرم دخولها .
  • على إبليس .
  • ولما جاز فيها وقوع عصيان .
  • وقال آخرون
  • : إنها جنة المأوى .
  • خلقها الله لآدم وحواء .
  • وقال غيرهم :
  • إنها جنة من جنات الأرض .
  • تقع في مكان مرتفع .
  • وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف .
  • ونحن نختار هذا الرأي .
  • إن العبرة التي نستخلصها .
  • من مكانها .
  • لا تساوي شيئا بالقياس .
  • إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.
  • لم يعد يحس آدم الوحدة .
  • كان يتحدث مع حواء كثيرا .
  • وكان الله قد سمح لهما .
  • بأن يقتربا من كل شيء .
  • وأن يستمتعا بكل شيء .
  • ما عدا شجرة واحدة.
  • فأطاع آدم وحواء .
  • أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة
  • . غير أن آدم إنسان .
  • والإنسان ينسى .
  • وقلبه يتقلب .
  • وعزمه ضعيف .
  • واستغل إبليس إنسانية آدم .
  • وجمع كل حقده في صدره .
  • واستغل تكوين آدم النفسي .
  • وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم
  • راح يوسوس إليه يوما بعد يوم :
  • (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) .
  • تسائل أدم بينه وبين نفسه .
  • ماذا يحدث لو أكل من الشجرة .
  • ربما تكون شجرة الخلد حقا .
  • وكل إنسان يحب الخلود .
  • ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير .
  • في هذه الشجرة .
  • ثم قررا يوما أن يأكلا منها .
  • نسيا أن الله حذرهما .
  • من الاقتراب منها .
  • نسيا أن إبليس عدوهما القديم .
  • ومد آدم يده إلى الشجرة .
  • وقطف منها إحدى الثمار .
  • وقدمها لحواء .
  • وأكل الاثنان من الثمرة المحرمة.
  • ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود
  • من إغواء حواء لآدم .
  • وتحميلها مسئولية الأكل من الشجرة
  • إن نص القرآن لا يذكر حواء .
  • إنما يذكر آدم .
  • كمسئول عما حدث عليه الصلاة والسلام
  • وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم .
  • أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء .
  • وأخطأ آدم بسبب الفضول.
  • لم يكد آدم ينتهي من الأكل .
  • حتى اكتشف أنه أصبح عار .
  • وأن زوجته عارية .
  •  وبدأ هو وزوجته .
  • يقطعان أوراق الشجر .
  • لكي يغطي .
  • بهما كل واحد منهما جسده العاري.
  • وأصدر الله تبارك وتعالى .
  • أمره بالهبوط من الجنة.

هبوط آدم وحواء إلى الأرض:

  • وهبط آدم وحواء إلى الأرض.
  • واستغفرا ربهما وتاب إليه
  • فأدركته رحمة ربه .
  • التي تدركه دائما .
  • عندما يتوب إليها ويلوذ بها .
  • وأخبرهما الله أن الأرض .
  • هي مكانهما الأصلي .
  • يعيشان فيهما .
  • ويموتان عليها .
  • ويخرجان منها يوم البعث.
  • يتصور بعض الناس .
  • أن خطيئة آدم .
  • بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة .
  • ولولا هذه الخطيئة .
  • لكنا اليوم هناك .
  • وهذا التصور غير منطقي .
  • لأن الله تعالى حين شاء .
  • أن يخلق آدم قال للملائكة :
  • (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) .
  • ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة .
  • لم يكن هبوط آدم إلى الأرض .
  • هبوط إهانة .
  • وإنما كان هبوط كرامة .
  • كما يقول العارفون بالله
  • . كان الله تعالى يعلم .
  • أن آدم وحواء .
  • سيأكلان من الشجرة .
  • ويهبطان إلى الأرض.
  • أما تجربة السكن في الجنة .
  • فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض
  • ليعلم آدم وحواء .
  • ويعلم جنسهما من بعدهما .
  • أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة .
  • وأن الطريق إلى الجنة .
  • يمر بطاعة الله وعداء الشيطان.

هابيل وقابيل:

  • لا يذكر لنا المولى عزّ وجلّ .
  • في كتابه الكريم الكثير .
  • عن حياة آدم عليه السلام في الأرض
  • لكن القرآن الكريم .
  • يروي قصة ابنين من أبناء آدم .
  • هما هابيل وقابيل . حي
  •  وقعت أول جريمة قتل في الأرض .
  • وكانت قصتهما كالتالي.
  • كانت حواء تلد في البطن الواحد .
  • ابنا وبنتا .
  • وفي البطن التالي .
  • ابنا وبنتا .
  • فيحل زواج .
  • ابن البطن الأول من البطن الثاني.
  • ويقال أن قابيل .
  • كان يريد زوجة هابيل لنفسه.
  •  فأمرهما آدم .
  • أن يقدما قربانا .
  • فقدم كل واحد منهما قربانا .
  • فتقبل الله من هابيل .
  • ولم يتقبل من قابيل.
  •  قال تعالى في سورة (المائدة):
  • (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (27)
  • (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (28) .
  • لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى .
  • كلمات القتيل الشهيد .
  • وتجاهل تماما كلمات القاتل .
  • عاد القاتل يرفع يده مهددا .
  • قال القتيل في هدوء:
  • (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ) (29) (المائدة) .
  • انتهى الحوار بينهما .
  • وانصرف الشرير .
  • وترك الطيب مؤقتا .
  • بعد أيام .
  • كان الأخ الطيب نائما .
  • وسط غابة مشجرة.
  • فقام إليه أخوه قابيل فقتله.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  • لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها .
  • لأنه كان أول من سن القتل .
  • جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض.
  • كان هذا الأخ القتيل .
  • أول إنسان يموت على الأرض .
  • ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد .
  • وحمل الأخ جثة شقيقه .
  • وراح يمشي بها.
  • ثم رأى القاتل غرابا حيا .
  • بجانب جثة غراب ميت .
  • وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض .
  • وساوى أجنحته إلى جواره .
  • وبدأ يحفر الأرض بمنقاره .
  • ووضعه برفق في القبر .
  • وعاد يهيل عليه التراب .
  • بعدها طار في الجو وهو يصرخ .
  • اندلع حزن قابيل .
  • على أخيه هابيل .
  • كالنار فأحرقه الندم .
  • اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف .
  • قد قتل الأفضل والأقوى .
  • نقص أبناء آدم واحدا .
  • وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم .
  • واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف .
  • ثم أنشب أظافره في الأرض .
  • وراح يحفر قبر شقيقه.
  • قال آدم حين عرف القصة :
  • (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) .
  • وحزن حزنا شديدا .
  • على خسارته في ولديه .
  • مات أحدهما .
  • وكسب الشيطان الثاني .
  • صلى آدم على ابنه .
  • وعاد إلى حياته على الأرض :
  • إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه .
  • ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده .
  • ويحدثهم عن الله .
  • ويدعوهم إليه .
  • ويحكي لهم عن إبليس .
  • ويحذرهم منه.
  • ويروي لهم قصته .
  • هو نفسه معه .
  • ويقص لهم قصته مع ابنه .
  • الذي دفعه لقتل شقيقه.

موت آدم عليه السلام:

  • وكبر آدم .
  • ومرت سنوات وسنوات .
  • وعن فراش موته .
  • يروي أبي بن كعب .
  • فقال : إن آدم لما حضره الموت .
  • قال لبنيه :
  • أي بني .
  • إني أشتهي من ثمار الجنة .
  • قال : فذهبوا يطلبون له .
  • فاستقبلتهم الملائكة .
  • ومعهم أكفانه وحنوطه .
  • ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل .
  • فقالوا لهم : يا بني آدم .
  • ما تريدون وما تطلبون .
  • أو ما تريدون وأين تطلبون .
  • قالوا : أبونا مريض .
  • واشتهى من ثمار الجنة .
  • فقالوا لهم :
  • ارجعوا فقد قضي أبوكم .
  • فجاءوا فلما رأتهم حواء .
  • عرفتهم فلاذت بآدم .
  • فقال : إليك عني .
  • فإني إنما أتيت من قبلك .
  • فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل
  • فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه .
  • وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه .
  • ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره .
  • ثم حثوا عليه .
  • ثم قالوا : يا بني آدم هذه سنتكم.
  • وفي موته يروي الترمذي :
  • حدثنا عبد بن حميد حدثنا أبو نعيم حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : )لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة .
  • وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور .
  • ثم عرضهم على آدم فقال :
  • أي رب من هؤلاء .
  • قال: هؤلاء ذريتك .
  • فرأى رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه
  • فقال : أي رب من هذا .
  •  قال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود .
  • قال : رب وكم جعلت عمره .
  • قال ستين سنة .
  • قال : أي رب زده من عمري أربعين سنة .
  • فلما انقضى عمر آدم .
  • جاءه ملك الموت .
  • قال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة
  • قال : أو لم تعطها ابنك داود .
  • قال فجحد فجحدت ذريته .
  • ونسي آدم فنسيت ذريته .
  • وخطئ آدم فخطئت ذريته)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانياً : شيث عليه السلام:

تولا بعد والده آدم عليه السلام

  • : شيث في التاريخ الإسلامي
  • لايوجد ذكر لشخصية شيث .
  • في القرآن .
  • حيث تذكره الأحاديث النبوية .
  • والتقاليد الإسلامية .
  • على أنه الابن الثالث .
  • والبار لأبويه آدم وحواء .
  • ويرى على أنه هبة .
  • من الله لعبده آدم .
  • بعد صبره على فقدان هابيل .
  • دوّن المؤرخ والفقيه السني .
  • ابن كثير في كتابه البداية والنهاية .
  • أن شيث نبي كأبيه آدم عليه السلام .
  • حمل رسالة الدعوة بعد وفاة والده .
  • إلى البشرية .
  • ويصنفه بين آباء ما قبل الطوفان الصالحين .
  • من أبناء آدم .
  • وتشير بعض المصادر .
  • أن شيث قد تلقى الصحف الأولى .
  • المذكورة في سورة الأعلى .
  • من القرآن :
  • (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى) (18. (
  •  (صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (19) .
  • ويذكر الطبري وأئمة آخرون .
  • أن شيث قد دفن آدم .
  • ودفن معه النصوص المقدسة .
  • في قبر آدم (قبر الكنوز) .
  • يبين الأدب الإسلامي .
  • أن شيث وُلد عندما تعدى عمر آدم عليه السلام .
  • المئة سنة .
  • وأن آدم عيّن شيثًا .
  • لحمل أعباء الرسالة .
  • وقيادة أبناء آدم الأولين .
  • وقد أورد المؤرخ والمترجم السوري الدمشقي أبو الوفاء المبشر بن فاتق .
  • صاحب كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم فصلًا كاملًا عن (شيث) .
  • ويذكر كذلك في الرواية الإسلامية .
  • أن شيثًا أوتي الحكمة .
  • فعلم موعد الطوفان العظيم .
  • وطريقة آداء الصلاة الليلية .
  • يعود نسب البشرية حسب اليهودية و‌المسيحية و‌الإسلام .
  • إلى شيث .
  • حيث لم يخلف هابيل أي بنين .
  • وأبناء قابيل .
  • لقوا حتفهم في الطوفان العظيم .
  • وذلك حسب الرواية الإسلامية .
  • وتذكر الروايات .
  • أيضًا أن عدة حرف تقليدية إسلامية .
  • تعود إلى شيث .
  • مثل صناعة الأمشاط .
  • من قرون الحيوانات .
  • يؤدي (شيث) دورًا كبيرًا في التصوف .
  • وأورد ابن العربي في كتابه .
  • (فصوص الحكم) .
  • فصلًا عن (شيث) .
  • أسماه (حكمة الانتهاء في كلمة شيث).
  • يتموقع قبر (شيث) .
  • في بلدة النبي (شيث) .
  • في جبال وادي البقاع في لبنان .
  • حيث يوجد مسجد باسمه .
  • وصفه الجغرافي (ابن جبير) .
  • في القرن الثاني عشر .
  • وفي روايات أخرى .
  • من جغرافيي القرون الوسطى .
  • العرب الذين عاشوا .
  • منذ القرن الثالث عشر .
  • فيها يصفون وجود قبر النبي (شيث).
  • في بلدة (بشيت) جنوب غرب بلدة الرملة
  • وحسب صندوق استكشاف فلسطين فلفظ (بشيت) يعني (بيت شيت) .
  • وقد هُجِّرٙ سكانها عام 1948م .
  • مع تأسيس إسرائيل .
  • ولكن نجت القبب الثلاث .
  • التي يقال أنها قبر (لشيث) .
  • في موشاف أسيريت .
  • ويقول (ابن كثير) .
  • في كتابه البداية والنهاية :
  • (لما مات آدم قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث .
  • وكان نبيًا .
  • ومعنى شيث :
  • هبة الله .
  • وسمياه بذلك .
  • لأنهما رزقاه .
  • بعد أن قَتَل قابيل أخاه هابيل .
  • فلما حانت وفاته .
  • أوصى إلى ابنه (أنوش) .
  • بالخلافة .
  • ثم بعده ولده (قينان) .
  • ثم من بعده ابنه (مهلائيل) .
  • وهو (أي مهلاييل) .
  • الذي يزعم الأعاجم .
  • من الفرس .
  • أنه ملك الأقاليم السبعة .
  • وأنه أول من قطع الأشجار .
  • وبنى المدائن والحصون الكبار .
  • وأنه هو الذي بنى مدينة بابل .
  • ومدينة السوس الأقصى .
  • وأنه قهر إبليس وجنوده .
  • وشردهم عن الأرض .
  • إلى أطرافها وشعاب جبالها .
  • وأنه قتل خلقًا من مردة الجن والغيلان.
  • وكان له تاج عظيم .
  • وكان يخطب الناس .
  • ودامت دولته أربعين سنة .
  • فلما مات بعد (912) عامًا .
  • قام بالأمر بعده ولده (يارد) .
  • فلما حضرته الوفاة .
  • أوصى إلى ولده (خنوخ) .
  • وهو (إدريس) على المشهور .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثاً : إدريس عَلَيْهِ السَّلام:

أَوَّلَ بَنِي آدَمَ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ بَعْدَ آدَمَ وَشِيثَ بحسب التقاليد الدينيّة

  • : نبي
  • من أنبياء الله :

نسـبه :

  • في التوراة هو .
  • (أخنوخ) بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم .
  • كما في سفر التكوين .
  • وقيل هو إدريس بن يارد بن مهلائيل.
  • وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم .
  • واسمه عند العبرانيين (خنوخ) .
  • وفي الترجمة العربية (أخنوخ) .
  • وهو من أجداد نوح .
  • ذكر ابن الجوزي نسبه الكامل :
  • إدريس عَلَيْهِ السَّلام .
  • واسمه خنوخ بْن يرد بْن مهلائيل بْن قينان بْن أنوش بْن شيث بْن آدَم .
  • قَالَ الزُّبَيْر بْن بكار :
  • وَهُوَ إد .
  • إدريس بْن اليارد بْن مهلائيل بْن قينان بْن الطاهر بْن هبه .
  • وَهُوَ شيث بْن آدَم .
  • وإنما قيل لَهُ إدريس .
  • لأنه أول من درس الوحي المكتوب .

إدريس في الإسلام :

  • ذكره القرآن باسمه في سورة مريم الآيتين 56 و57 حيث قال تعالى :
  • (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا) (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) .
  • (إدريس) .
  • هو أحد الأنبياء .
  • الذين أخبر الله عنهم في القرآن .
  • حيث ذكر صراحة أنه نبي .
  • وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً .
  • أي يجب اعتقاد نبوته على سبيل القطع والجزم .
  • لأن القرآن قد ذكره بالاسم .
  • وحدّث عن شخصيته فوصفه بالنبوة والصديقية .
  • وهو أول بني آدم أُعطي النبوة .
  • بعد آدم وشيث .
  • وذكر ابن إسحاق .
  • أنه أول من خطَّ بالقلم .
  • وقد أدرك من حياة آدم .
  • ثلاثمائة سنة وثماني سنين .
  • وقد قال طائفة من الناس .
  • أنه المُشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي .
  • لما سأل الرسول (محمد) صل الله عليه وسلم .
  • عن الخط بالرمل فقال :
  • (قد كان نبيٌّ مِن الأنبياءِ يخُطُّ فمَن وافَق خطَّه فذاك) .
  • تحدث النبي (محمد) صل الله عليه وسلم .
  • عن لقاءه (إدريس) .
  • في السماء الرابعة .
  • أثناء المعراج في رحلة الإسراء والمعراج .

هل إدريس هو إلياس :

  • ذهب بعض العلماء من الصحابة ومن بعدهم إلى أنهما .
  • أي إلياس وإدريس .
  • اسمان لنبي واحد .
  • وأن إلياس هو إدريس وإدريس هو إلياس .
  • قال يقول ابن كثير في قصص الأنبياء
  • إدريس .
  • قال البخاري .
  • ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس .
  • أن إلياس هو إدريس واستأنسوا .
  • في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء .
  • أنه لما مر به أي بإدريس .
  • قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ولم يقل .
  • كما قال آدم وإبراهيم .
  • مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح .
  • قالوا فلو كان في عمود نسبه .
  • لقال له كما قالا له .
  • وهذا ما ذهب إليه الضحاك بن مزاحم.
  • وحكاه قتادة بن دعامة ومحمد بن إسحاق .
  • وكان عبد الله بن مسعود يقرأ (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ)(130. (
  • فيقول : ﴿سَلامٌ عَلى إدْرَاسِينَ﴾ .
  • وكان يقول : إلياس هو إدريس .
  • ويقرأ : (وَإِنَّ إدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
  • ثم يقرأ على ذلك : (سَلامٌ عَلَى إدْرَاسِينَ) .
  • كما قرأ الآخرون : .
  • (سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) .
  • بقطع الآل من ياسين .
  • وقد رجح ابن كثير .
  • أنهما مختلفان .
  • وأن إلياس ليس هو إدريس .
  • فقال : والصحيح أنه غيره كما تقدم .

ولادته وعمره :

  • وقد اختلف العلماء في مولده ونشأته.
  •  قال بعضهم إنه ولد في فلسطين .
  • وقال بعضهم إن (إدريس) ولد ببابل .
  • وقال آخرون إنه ولد بمصر وقيل غير ذلك .
  • وقد أخذ في أول عمره .
  • بعلم شيث بن آدم .
  • وقد أدرك من حياة آدم (308) سنوات
  • لأن آدم عمر طويلا زهاء ألف سنة .
  • ولما كبر آتاه الله النبوة .
  • فنهى المفسدين .
  • من بني آدم عن مخالفتهم شريعة آدم وشيث .
  • فأطاعه نفر قليل .
  • وخالفه جمع غفير .
  • فنوى الرحيل عنهم .
  • وأمر من أطاعه منهم .
  • بذلك فثقل عليهم الرحيل .
  • عن أوطانهم فقالوا له .
  • وأين نجد إذا رحلنا مثل بابل .
  • فقال : الله رزقنا هاهنا وهو رازقنا غيره .
  • فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر .
  • فرأوا النيل فوقف على النيل .
  • وسبح الله .
  • وأقام إدريس ومن معه .
  • يدعو الناس إلى الله .
  • وإلى مكارم الأخلاق .
  • وقد كانت مدة إقامة (إدريس) ,
  • في الأرض ما يقارب ال(800) سنة .
  • ثم رفعه الله إليه .
  • كما ذكر القرآن .
  • (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) (57) .

أعمـالـــــه :

  • وكانت له مواعظ وآداب .
  • فقد دعا إلى دين الله .
  • وإلى عبادة الخالق جل وعلا .
  • وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة .
  • بالعمل الصالح في الدنيا .
  • وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة .
  • وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة .
  • وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة.
  • وحرم المسكر من كل شيء من المشروبات .
  • وشدد فيه أعظم تشديد .
  • وقيل إنه كان في زمانه (72) لسانا يتكلم الناس بها .
  • وقد علمه الله منطقهم جميعا .
  • ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم .
  • وهو أول من علم السياسة المدنية .
  • ورسم لقومه قواعد تمدين المدن .
  • فبنت كل فرقة من الأمم .
  • مدنا في أرضها .
  • وأنشئت في زمانه (188) مدينة .
  • ويعتقد بأنه أول من خط بالقلم .
  • ودون الصحف التي أنزلت عليه .
  • من الله .
  • وأنه أول من خاط الثياب البيض .
  • ولبسها وكان قبلها يلبسون الجلد .

وفـــــــاتـه :

عند أهل السنة والجماعة :

  • وقد أختلف في موته .
  • فعن ابن وهب عن جرير بن حازم عن الأعمش .
  • عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال :
  • سأل ابن عباس كعبا وأنا حاضر .
  • فقال له : ما قول الله لإدريس .
  • (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)(57) .
  •  فقال كعب : أما (إدريس) .
  • فإن الله أوحى إليه :
  • أني أرفع لك كل يوم .
  • مثل جميع عمل بني آدم .
  • لعله من أهل زمانه .
  • فأحب أن يزداد عملا .
  • فأتاه خليل له من الملائكة .
  • فقال له :
  • إن الله أوحى إلي كذا وكذا .
  • فكلم ملك الموت حتى أزداد عملا .
  • فحمله بين جناحيه .
  • ثم صعد به إلى السماء .
  • فلما كان في السماء الرابعة .
  • تلقاه ملك الموت منحدرا .
  • فكلم ملك الموت .
  • في الذي كلمه فيه (إدريس) .
  • فقال : وأين (إدريس) .
  • قال : هو ذا على ظهري .
  • فقال ملك الموت : يا للعجب .
  • بعثت وقيل لي اقبض روح (إدريس) .
  • في السماء الرابعة .
  • فجعلت أقول : كيف أقبض روحه .
  • في السماء الرابعة .
  • وهو في الأرض .
  • فقبض روحه هناك .
  • فذلك قول الله عز وجل .
  • (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) .
  • ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها .
  • وعنده فقال لذلك الملك .
  • سل لي ملك الموت كم بقي من عمري.
  • فسأله وهو معه : كم بقي من عمره .
  • فقال : لا أدري حتى انظر ز
  • فنظر فقال :
  • إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين .
  • فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى (إدريس) .
  • فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر .
  • وهذا من الإسرائيليات .
  • وفي بعضه نكارة .
  • وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) .
  • قال : (إدريس) رفع .
  • ولم يمت كما رفع عيسى .
  • إن أراد أنه لم يمت .
  • إلى الآن ففي هذا نظر .
  • وإن أراد أنه رفع حيا إلى السماء .
  • ثم قبض هناك .
  • فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار .
  • وقال العوفي عن ابن عباس في .
  • قوله : (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) .
  • رفع إلى السماء السادسة .
  • فمات بها .
  • وهكذا قال الضحاك .
  • والحديث المتفق عليه .
  • من أنه في السماء الرابعة أصح .
  • وهو قول مجاهد وغير واحد .
  • وقال الحسن البصري في قوله تعالى.
  • (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) .
  • قال : إلى الجنة .
  • وقال قائلون رفع .
  • في حياة أبيه يرد بن مهلاييل .
  • وقد زعم بعضهم .
  • أن (إدريس) .
  • لم يكن قبل (نو ح) بل في زمان بني إسرائيل .
  • قال البخاري :
  • ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس .
  • أن إلياس هو (إدريس) .
  • واستأنسوا في ذلك بما جاء .
  • في حديث الزهري عن أنس في الإسراء :
  • أنه لما مر به .
  • قال : له مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح .
  • ولم يقل كما قال آدم وإبراهيم :
  • مرحبا النبي الصالح والابن الصالح .
  • قالوا : فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له .
  • وهذا لا يدل ولابد .
  • قد لا يكون الراوي حفظه جيدا .
  • أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع .
  • ولم ينتصب له في مقام الأبوة .
  • كما انتصب لآدم أبي البشر .
  • وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن .
  • وأكبر أولي العزم بعد (محمد) صلوات الله عليهم اجمعين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابعاً : نوح عليه السلام:

أن نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة

  • : عصوه وكذبوه :    
  • أستمر يدعوهم إلى الدين الحنيف .
  • فاتبعه قليل من الناس .
  • واستمر الكفرة في طغيانهم .
  • فمنع الله عنهم المطر .
  • ودعاهم نوح .
  • أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب
  • فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب .
  • ولكنهم رجعوا إلى كفرهم .
  • وأخذ يدعوهم (950) سنة .
  • ثم أمره الله ببناء السفينة .
  • وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع .
  • ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين .

سـيرته :

حال الناس قبل بعثة نوح :

  • قبل أن يولد قوم نوح .
  • عاش خمسة رجال صالحين .
  • من أجداد قوم نوح .
  • عاشوا زمنا ثم ماتوا .
  • كانت أسماء الرجال الخمسة هي :
  • ودَّ .
  • سُواع .
  • يغوث .
  • يعوق .
  • نسرا .
  • بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل .
  • في مجال الذكرى والتكريم .
  • ومضى الزمن .
  • ومات الذين نحتوا التماثيل .
  • وجاء أبنائهم . ومات الأبناء .
  • وجاء أبناء الأبناء .
  • ثم نسجت قصصا وحكايات .
  • حول التماثيل .
  • تعزو لها قوة خاصة .
  • واستغل إبليس الفرصة .
  • وأوهم الناس .
  • أن هذه تماثيل آلهة .
  • تملك النفع وتقدر على الضرر .
  • وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل .

إرسال نوح عليه السلام :

  • كان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى .
  • قبل بعثته إلى الناس .
  • وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى .
  • قبل بعثتهم .
  • وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ .
  • فاختاره الله لحمل الرسالة .
  • فخرج (نوح) على قومه وبدأ دعوته:
  • (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)
  • بهذه الجملة الموجزة .
  • وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية
  • وحقيقة البعث .
  • هناك إله خالق .
  • وهو وحده الذي يستحق العبادة .
  • وهناك موت .
  • ثم بعث .
  • ثم يوم للقيامة .
  • يوم عظيم .
  • فيه عذاب يوم عظيم .
  • شرح (نوح) لقومه أنه يستحيل .
  • أن يكون هناك غير إله واحد .
  • هو الخالق .
  • أفهمهم أن الشيطان .
  • قد خدعهم زمنا طويلا .
  • وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع
  • حدثهم (نوح) عن تكريم الله للإنسان .
  • كيف خلقه ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل .
  • وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق العقل .
  • تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته.
  • لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء .
  • وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة .
  • أما الأغنياء والأقوياء والكبراء .
  • تأملوا الدعوة بعين الشك .
  • ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه .
  • فقد بدءوا حربهم ضد (نوح) .
  • في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم :
  • (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا) .
  • قال تفسير القرطبي :
  • الملأ الذين كفروا من قومه .
  • هم الرؤساء الذين كانوا في قومه .
  • يسمون الملأ .
  • لأنهم مليئون بما يقولون .
  • قال هؤلاء الملأ لنوح :
  • أنت بشر يا نوح .
  • رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك .
  • وأكد أنه مجرد بشر .
  • والله يرسل إلى الأرض .
  • رسولا من البشر .
  • لأن الأرض يسكنها البشر .
  • ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة .
  • لأرسل الله رسولا من الملائكة .
  • استمرت الحرب بين الكافرين ونوح .
  • في البداية .
  • تصور الكفرة يومها .
  • أن دعوة (نوح) لا تلبث أن تنطفئ وحدها .
  • فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة .
  • بدئوا الهجوم على (نوح) من هذه الناحية .
  • هاجموه في أتباعه .
  • وقالوا له :
  • لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والأراذل .
  • هكذا اندلع الصراع بين (نوح) .
  • ورؤساء قومه .
  • ولجأ الذين كفروا إلى المساومة .
  • قالوا لنوح : اسمع يا نوح :
  • إذا أردت أن نؤمن لك .
  • فاطرد الذين آمنوا بك .
  • إنهم ضعفاء وفقراء .
  • ونحن سادة القوم وأغنياؤهم .
  • ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء .
  • واستمع (نوح) إلى كفار قومه .
  • وأدرك أنهم يعاندون .
  • ورغم ذلك كان طيبا في رده .
  • أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين .
  • لأنهم أولا ليسوا ضيوفه .
  • إنما هم ضيوف الله .
  • وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء .
  • إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء .
  • كان (نوح) يناقش كل حجج الكافرين
  • بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه .
  • وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة .
  • قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة .
  • ولم يروا هم ما آتاه الله .
  • وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون .
  • إن كلمة (لا إله إلا الله) لا تفرض على أحد من البشر .
  • أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته .
  • لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم .
  • إن أجره على الله .
  • هو الذي يعطيه ثوابه .
  • أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله .
  • وأن له حدوده كنبي .
  • وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين :
  • أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله .
  • ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله .
  • ويجازي من طردهم .
  • فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم .
  • وهكذا انتهى (نوح) إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم .
  • وعاد (نوح) يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق .
  • وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل .
  • فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله .
  • وهي إنعامه على من يشاء من عباده.
  • وهو لا يعلم الغيب .
  • لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به .
  • أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا .
  • بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة الملائكة
  • قال لهم نوح :
  • إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل .
  • إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم .
  • الله أعلم بما في أنفسهم .
  • هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.
  • أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا .
  • وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح .
  • حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

(قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (32) .

(قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ) (33) .

(وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (34) (هود) .

  • أضاف (نوح) إغواءهم إلى الله تعالى.
  • تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال.
  • غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم .
  • فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه .
  • بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله .
  • كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له .
  • سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر .
  • وهذا من تمام الحرية وكمالها .
  • يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما اختاره .
  • اختار كفار قوم (نوح) طريق الغواية فيسره الله لهم .
  • وتستمر المعركة .
  • وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم (نوح) وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال .
  • بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله :
  • (قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) (60) (الأعراف) .
  • ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:
  • (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) (61) أ(ُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (62) .
  • ويستمر (نوح) في دعوة قومه إلى (الله) ساعة بعد ساعة .
  • ويوما بعد يوم وعاما بعد عام ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه .
  • كان يدعوهم ليلا ونهارا وسرا وجهرا.
  • يضرب لهم الأمثال .
  • ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات .
  • وكلما دعاهم إلى الله فروا منه .
  • وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا .
  • عن سماع الحق .
  • واستمر (نوح) يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما .
  • وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد.
  • بينما يزيد عدد الكافرين .
  • وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل .
  • وظل يدعو قومه ويجادلهم .
  • وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح .
  • وحزن (نوح) على قومه .
  • لكنه لم يبلغ درجة اليأس .
  • ظل محتفظا بالأمل طوال (950) سنة.
  • ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة .
  • وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له .
  • وجاء يوم أوحى الله إليه .
  • أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن.
  • أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم .
  • ساعتها دعا (نوح) على الكافرين بالهلاك :
  • (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) (26) (نوح) .
  • برر نوح دعوته بقوله :
  • (إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) (26) .

الطوفان :

  • ثم أصدر الله تعالى .
  • حكمه على الكافرين بالطوفان .
  • أخبر الله تعالى عبده نوحا .
  • أنه سيصنع سفينة .
  • (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه.
  • وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة .
  • أصدر الله تعالى أمره إلى نوح :
  • (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) .
  • يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي .
  • وينهى الله نبيه .
  • أن يخاطبه أو يتوسط لهم .
  • وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة .
  • انتظر سنوات .
  • ثم قطع ما زرعه .
  • وبدأ نجارته .
  • كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة .
  • وقد اختلف المفسرون في حجمها وهيئتها وعدد طبقاتها ومدة عملها .
  • والمكان الذي عملت فيه ومقدار طولها وعرضها .
  • على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء .
  • وقال الفخر الرازي في هذا كله :
  • أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني .
  • لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة.
  • ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا .
  • نحن نتفق مع الرازي في مقولته هذه.
  • فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما حدثنا الله به .
  •  تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها .
  • إلى مضمون القصة ومغزاها المهم .
  • بدأ نوح يبني السفينة .
  • ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة .
  • والجفاف سائد وليست هناك أنهار قريبة أو بحار .
  • كيف ستجري هذه السفينة .
  • إذن يا نوح .
  • هل ستجري على الأرض .
  • أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك .
  • لقد جن نوح .
  • وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح .
  • وكانوا يسخرون منه قائلين :
  • صرت نجارا بعد أن كنت نبيا .
  • إن قمة الصراع في قصة نوح .
  • تتجلى في هذه المساحة الزمنية .
  • إن الباطل يسخر من الحق .
  • يضحك عليه طويلا .
  • متصورا أن الدنيا ملكه .
  • وأن الأمن نصيبه .
  • وأن العذاب غير واقع .
  • غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان .
  • عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين وتكون سخريتهم هي الحق .
  • انتهى صنع السفينة .
  • وجلس نوح ينتظر أمر الله .
  • أوحى الله إلى نوح أنه إذا فار التنور .
  • هذا علامة على بدء الطوفان .
  • قيل في تفسير التنور .
  • أنه بركان في المنطقة .
  • وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح .
  • إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة .
  • وجاء اليوم الرهيب فار التنور .
  • وأسرع نوح يفتح سفينته .
  • ويدعو المؤمنين به .
  • وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض.
  • حمل نوح إلى السفينة .
  • من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين .
  • بقرا وثورا فيلا وفيلة عصفورا وعصفور نمرا ونمرة .
  • إلى آخر المخلوقات .
  • كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة .
  • وساق جبريل عليه السلام .
  • أمامه من كل زوجين اثنين .
  • لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض .
  • وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها .
  • فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير .
  • وبدأ صعود السفينة .
  • صعدت الحيوانات والوحوش والطيور.
  • وصعد من آمن بنوح وكان عدد المؤمنين قليلا .
  • لم تكن زوجة نوح مؤمنة به .
  • فلم تصعد .
  • وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح .
  • فلم يصعد هو الآخر .
  • وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى .
  • فلم تصعد .
  • وصعد المؤمنون .
  • قال ابن عباس رضي الله عنهما :
  • آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا .
  • ارتفعت المياه من فتحات الأرض .
  • انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض .
  • فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض .
  • وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة .
  • فقدت البحار هدوئها وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة .
  • وتكتسح الأرض .
  • وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه .
  • ارتفعت المياه أعلى من الناس .
  • تجاوزت قمم الأشجار وقمم الجبال .
  • وغطت سطح الأرض كله .
  • وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه .
  • كان ابنه يقف بمعزل منه .
  • ويحكي لنا المولى عز وجل .
  • الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام وابنه .
  • قبل أن يحول بينهما الموج فجأة .
  • نادى نوح ابنه قائلا :(يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ) .
  • ورد الابن عليه : (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) .
  • عاد نوح يخاطبه :
  • (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ) .
  • وانتهى الحوار بين نوح وابنه :
  • (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) .
  • انظر إلى تعبير القرآن الكريم :
  • (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) .
  • أنهى الموج حوارهما فجأة .
  • نظر نوح فلم يجد ابنه .
  • لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة .
  • وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه .
  • وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب .
  • رحمة منه بالأب .
  • واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور .
  • أن الجبل سيعصمه من الماء فغرق .
  • واستمر الطوفان استمر يحمل سفينة نوح .
  • بعد ساعات من بدايته .
  • كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا .
  • لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح .
  • وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض .
  • وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية .
  • ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته .
  • كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق.
  • كانت السفينة تجري بهم في موج كالجبال .
  • ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم.
  • إن انفصال القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية .
  • قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار .
  • ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة .
  • حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض .
  • وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.
  • استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره .
  • ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار .
  • وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء .
  • وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي .
  • وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق .
  • طهر الطوفان الأرض وغسلها .
  • قال تعالى في سورة (هود) :
  • (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (44) .
  • (وَغِيضَ الْمَاء) .
  • بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض .
  • (وَقُضِيَ الأَمْرُ) .
  • بمعنى أنه أحكم وفرغ منه .
  • يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما.
  • ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان .
  • فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير .
  • (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) .
  • بمعنى رست عليه .
  • وقيل كان ذلك يوم عاشوراء .
  • فصامه نوح .
  • وأمر من معه بصيامه .
  • (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) .
  • أي هلاكا لهم .
  • طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها
  • ذهب الهول بذهاب الطوفان .
  • وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح .
  • تذكر ابنه الذي غرق .
  • لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر .
  • كان يتصور أنه مؤمن .
  • عنيد آثر النجاة باللجوء إلى جبل .
  • وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم .
  • فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان
  • تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة
  • قال تعالى في سورة (هود) :
  • (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) (45) .
  • أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين .
  • وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين .
  • قال الله سبحانه وتعالى .
  • مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى :
  • (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (46) (هود) .
  • قال القرطبي :
  • نقلا عن شيوخه من العلماء .
  • وهو الرأي الذي نؤثره :
  • كان ابنه عنده (أي نوح) مؤمنا في ظنه .
  • ولم يك نوح يقول لربه :
  • (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك .
  • إذ محال أن يسأل هلاك الكفار .
  • ثم يسأل في إنجاء بعضهم .
  • وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان
  • فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب .
  • أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت .
  • وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين .
  • يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا .
  • ثم يهلك مع الكافرين .
  • وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه .
  • أراد الله سبحانه وتعالى .
  • أن يقول لنبيه الكريم .
  • أن ابنه ليس من أهله .
  • لأنه لم يؤمن بالله .
  • وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس .
  • ابن النبي هو ابنه في العقيدة .
  • هو من يتبع الله والنبي .
  • وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه .
  • هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن .
  • وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب .
  • لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض .
  • واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله .
  • وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته .
  • وهبط نوح من سفينته .
  • أطلق سراح الطيور والوحش .
  • فتفرقت في الأرض .
  • نزل المؤمنون بعد ذلك .
  • ولا يحكي لنا القرآن الكريم .
  • قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــ

ـــــــ

خامساً : هود عليه السلام :

أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف

  • : وكنوا أقوياء :    
  • كانوا أقوياء الجسم والبنيان .
  • وآتاهم الله الكثير من رزقه .
  • ولكنهم لم يشكروا الله .
  • على ما آتاهم .
  • وعبدوا الأصنام .
  • فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا .
  • كان حكيما .
  • ولكنهم كذبوه وآذوه .
  • فجاء عقاب الله .
  • وأهلكهم بريح صرصر عاتية .
  • استمرت سبع ليال وثمانية أيام .

سـيرته:

عبادة الناس للأصنام:

  • بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان .
  • الذي أغرق من كفر (بنوح) عليه السلام .
  • قام من آمن معه ونجى .
  • بعمارة الأرض .
  • فكان كل من على الأرض .
  • في ذلك الزمان من المؤمنين .
  • لم يكن بينهم كافر واحد .
  • ومرت سنوات وسنوات .
  • مات الآباء والأبناء .
  • وجاء أبناء الأبناء .
  • نسى الناس وصية نوح .
  • وعادت عبادة الأصنام .
  • انحرف الناس عن عبادة الله وحده
  • وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.
  • قال أحفاد قوم نوح :
  • لا نريد أن ننسى آبائنا .
  • الذين نجاهم الله من الطوفان .
  • وصنعوا للناجين تماثيل .
  • ليذكروهم بها .
  • وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل
  • فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة .
  • وإذا بالتماثيل .
  • تتحول بمكر من الشيطان .
  • إلى آلهة مع الله .
  • وعادت الأرض تشكو .
  • من الظلام مرة ثانية .
  • وأرسل الله سيدنا (هودا) إلى قومه.

إرسال هود عليه السلام:

  • كان (هود) من قبيلة .
  • اسمها (عاد) .
  • وكانت هذه القبيلة .
  • تسكن مكانا يسمى الأحقاف .
  • وهو صحراء تمتلئ بالرمال .
  • وتطل على البحر .
  • أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة .
  • لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع
  • وكان قوم عاد .
  • أعظم أهل زمانهم .
  • في قوة الأجسام .
  • والطول والشدة .
  • كانوا عمالقة وأقوياء .
  • فكانوا يتفاخرون بقوتهم .
  • فلم يكن في زمانهم .
  • أحد في قوتهم .
  • ورغم ضخامة أجسامهم .
  • كانت لهم عقول مظلمة .
  • كانوا يعبدون الأصنام .
  • ويدافعون عنها .
  • ويحاربون من أجلها .
  • ويتهمون نبيهم ويسخرون منه .
  • وكان المفروض .
  • ما داموا قد اعترفوا .
  • أنهم أشد الناس قوة .
  • أن يروا أن الله .
  • الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.
  • قال لهم (هود) .
  • نفس الكلمة التي يقولها كل رسول .
  • لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع .
  • كلمة واحدة هي الشجاعة كلها .
  • وهي الحق وحده .
  • (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) .
  • وسأله قومه :
  • هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك
  • وأي أجر تريده .
  • إن هذه الظنون السيئة .
  • تتكرر على ألسنة الكافرين .
  • عندما يدعوهم نبيهم .
  • للإيمان بالله وحده.
  • فعقولهم الصغيرة .
  • لا تتجاوز الحياة الدنيوية .
  • ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.
  • أفهمهم (هود) .
  • أن أجره على الله .
  • إنه لا يريد منهم شيئا غير .
  • أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة .
  • حدثهم عن نعمة الله عليهم .
  • كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح .
  • كيف أعطاهم بسطة في الجسم .
  • وشدة في البأس .
  • كيف أسكنهم الأرض .
  • التي تمنح الخير والزرع .
  • كيف أرسل عليهم المطر .
  • الذي يحيى به الأرض .
  • وتلفت قوم (هود) حولهم .
  • فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض .
  • وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.
  • قالوا لهود :
  • كيف تتهم (آلهتنا) .
  • التي وجدنا آباءنا يعبدونها .
  • قال هود :
  • كان آباؤكم مخطئين.
  • قال قوم هود :
  • هل تقول يا هود .
  • إننا بعد أن نموت .
  • ونصبح ترابا يتطاير في الهواء .
  • سنعود إلى الحياة .
  • قال هود : ستعودون يوم القيامة .
  • ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.
  • انفجرت الضحكات .
  • بعد هذه الجملة الأخيرة .
  • ما أغرب ادعاء هود .
  • هكذا تهامس الكافرون من قومه .
  • إن الإنسان يموت .
  • فإذا مات تحلل جسده .
  • فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب .
  • ثم يهب الهواء ويتطاير التراب .
  • كيف يعود هذا كله إلى أصله .
  • ثم ما معنى وجود يوم للقيامة .
  • لماذا يقوم الأموات من موتهم .
  • استقبل (هود) كل هذه الأسئلة بصبر كريم .
  • ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة .
  • أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة .
  • ضرورة تتصل بعدل الله .
  • مثلما هي ضرورة .
  • تتصل بحياة الناس.
  • قال لهم ما يقوله كل نبي .
  • عن يوم القيامة .
  • إن حكمة الخالق المدبر .
  • لا تكتمل بمجرد بدء الخلق .
  • ثم انتهاء حياة .
  • المخلوقين في هذه الأرض .
  • إن هذه الحياة اختبار .
  • يتم الحساب بعدها .
  • فليست تصرفات الناس .
  • في الدنيا واحدة .
  • هناك من يظلم .
  • وهناك من يقتل .
  • وهناك من يعتدي .
  • وكثيرا ما نرى الظالمين .
  • يذهبون بغير عقاب .
  • كثيرا ما نرى .
  • المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة .
  • أين تذهب شكاة المظلومين .
  • وأين يذهب ألم المضطهدين .
  • هل يدفن معهم في التراب بعد الموت
  • إن العدالة .
  • تقتضي وجود يوم للقيامة .
  • إن الخير .
  • لا ينتصر دائما في الحياة .
  • أحيانا ينظم الشر .
  • جيوشه ويقتل حملة الخير .
  • هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب .
  • إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا .
  • أن يوم القيامة لن يجئ .
  • ولقد حرم الله تعالى .
  • الظلم على نفسه .
  • وجعله محرما بين عباده .
  • ومن تمام العدل .
  • وجود يوم للقيامة .
  • والحساب والجزاء .
  • ذلك أن يوم القيامة .
  • هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا
  • مرة أخرى أمام الخالق .
  • ويعاد نظرها مرة أخرى .
  • ويحكم فيها رب العالمين سبحانه .
  • هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة
  • وهي تتصل بعدالة الله ذاته.
  • وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة .
  • وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه .
  • إن الاعتقاد بيوم الدين .
  • والإيمان ببعث الأجساد .
  • والوقوف للحساب .
  • ثم تلقي الثواب والعقاب .
  • ودخول الجنة أو النار .
  • هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر .
  • وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض .
  • فلا تستبد بهم ضرورات الحياة .
  • ولا يستعبدهم الطمع .
  • ولا تتملكهم الأنانية .
  • ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود .
  • وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه .
  • إلى الروح الذي نفخه ربه فيه .
  • ولعل مفترق الطريق .
  • بين الخضوع لتصورات الأرض .
  • وقيمها وموازينها .
  • والتعلق بقيم الله العليا .
  • والانطلاق اللائق بالإنسان .
  • يكمن في الإيمان بيوم القيامة .
  • حدثهم هود بهذا كله .
  • فاستمعوا إليه وكذبوه .
  • قالوا له هيهات هيهات .
  • واستغربوا أن يبعث الله .
  • من في القبور .
  • استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان .
  • بعد تحوله إلى التراب .
  • رغم أنه خلقه من قبل من التراب .
  • وطبقا للمقاييس البشرية .
  • كان ينبغي أن يحس .
  • المكذبون للبعث .
  • أن إعادة خلق الإنسان من التراب والعظام .
  • أسهل من خلقه الأول.
  • لقد بدأ الله الخلق .
  • فأي صعوبة في إعادته .
  • إن الصعوبة .
  • طبقا للمقياس البشرية .
  • تكمن في الخلق .
  • وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري .
  • ينطبق على الناس .
  • أما الله .
  • فليست هناك أمور صعبة أو سهلة .
  • بالنسبة إليه سبحانه وتعالى .
  • تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه وتعالى بمجرد الأمر.

موقف الملأ من دعوة هود:

  • يروي المولى عزل وجل .
  • موقف الملأ (وهم الرؤساء) .
  • من دعوة هود عليه السلام .
  • سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء .
  • سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم .
  • يقفون ضد الأنبياء .
  • يصفهم الله تعالى بقوله :
  • (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .
  • من مواقع الثراء والغنى والترف .
  • يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة .
  • ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة .
  • يولد الكبرياء .
  • ويلتفت الرؤساء في القوم .
  • إلى أنفسهم ويتساءلون :
  • أليس هذا النبي بشرا مثلنا .
  • يأكل مما نأكل .
  • ويشرب مما نشرب .
  • بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل .
  • ويشرب في أكواب صدئة .
  • ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة .
  • كيف يدعي أنه على الحق .
  • ونحن على الباطل هذا بشر .
  • كيف نطيع بشرا مثلنا .
  • ثم لماذا اختار الله بشرا .
  • من بيننا ليوحى إليه .
  • قال رؤساء قوم هود :
  • أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا .
  • ويوحي إليه تسائل هو :
  • ما هو الغريب في ذلك .
  • إن الله الرحيم بكم .
  • قد أرسلني إليكم لأحذركم .
  • إن سفينة نوح .
  • وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم .
  • لا تنسوا ما حدث .
  • لقد هلك الذين كفروا بالله .
  • وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما .
  • مهما يكونوا أقوياء.
  • قال رؤساء قوم هود :
  • من الذي سيهلكنا يا هود :
  • قال هود : الله .
  • قال الكافرون من قوم هود :
  • ستنجينا آلهتنا.
  • وأفهمهم هود .
  • أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله .
  • هي نفسها التي تبعدهم عن الله .
  • أفهمهم أن الله .
  • هو وحده الذي ينجي الناس .
  • وأن أي قوة أخرى في الأرض .
  • لا تستطيع أن تضر أو تنفع .
  • واستمر الصراع بين هود وقومه .
  • وكلما استمر الصراع ومرت الأيام .
  • زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم .
  • وبدؤا يتهمون (هودا) عليه السلام بأنه سفيه مجنون.
  • قالوا له يوما :
  • لقد فهمنا الآن سر جنونك .
  • إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك .
  • وبسبب غضبها صرت مجنونا.
  • انظروا للسذاجة .
  • التي وصل إليها تفكيرهم .
  • إنهم يظنون أن هذه الحجارة .
  • لها قوى على من صنعها .
  • لها تأثير على الإنسان .
  • مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق .
  • لم يتوقف هود عند هذيانهم .
  • ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان .
  • ولكنه توقف عند قولهم :
  • (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) .
  • بعد هذا التحدي .
  • لم يبق لهود إلا التحدي .
  • لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده .
  • لم يبق أمامه إلا إنذار أخير .
  • ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم .
  • وتحدث هود:
  • (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ)(54) .
  • (مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ)(55) .(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (56) .
  • (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)(57)(هود) .
  • إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق .
  • رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى
  • يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء .
  • إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم .
  • ويتبرأ منهم ومن آلهتهم .
  • ويتحداهم أن يكدوا له .
  • بغير إبطاء أو إهمال .
  • فهو على استعداد لتلقي كيدهم .
  • وهو على استعداد .
  • لحربهم فقد توكل على الله .
  • والله هو القوي بحق .
  • وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض.
  • سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان .
  • لا شيء يعجز الله.
  • بهذا الإيمان بالله .
  • والثقة بوعده .
  • والاطمئنان إلى نصره .
  • يخاطب هود الذين كفروا من قومه .
  • وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه .
  • لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله .
  • وهو في حديثه .
  • يفهم قومه أنه أدى الأمانة .
  • وبلغ الرسالة .
  • فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم .
  • سوف يستبدل بهم قوما آخرين .
  • وهذا معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب.

هــلاك عـــاد :

  • وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم .
  • وتوكل على الله الذي خلقه .
  • وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه .
  • هذا قانون من قوانين الحياة .
  • يعذب الله الذين كفروا .
  • مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.
  • انتظر هود وانتظر قومه وعد الله .
  • وبدأ الجفاف في الأرض .
  • لم تعد السماء تمطر .
  • وهرع قوم هود إليه .
  • ما هذا الجفاف يا هود .
  • قال هود :
  • إن الله غاضب عليكم .
  • ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم .
  • ويرسل المطر .
  • فيزيدكم قوة إلى قوتكم .
  • وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر .
  • وزاد الجفاف .
  • واصفرت الأشجار الخضراء .
  • ومات الزرع .
  • وجاء يوم فإذا سحاب عظيم .
  • يملأ السماء .
  • وفرح قوم هود .
  • وخرجوا من بيوتهم يقولون :
  • (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).
  • تغير الجو فجأة .
  • من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس .
  • بدأت الرياح تهب
  • . ارتعش كل شيء .
  • ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام .
  • واستمرت الريح .
  • ليلة بعد ليلة .
  • ويوما بعد يوم .
  • كل ساعة كانت برودتها تزداد .
  • وبدأ قوم هود يفرون .
  • أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها .
  • اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام .
  • واختبئوا تحت الأغطية .
  • فاشتد هبوب الرياح .
  • وتطايرت الأغطية .
  • كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد .
  • وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره .
  • لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته .
  • وجعلته كالرميم.
  • استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام .
  • لم تر الدنيا مثلها قط .
  • ثم توقفت الريح بإذن ربها .
  • لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود .
  • إلا ما يبقى من النخل الميت .
  • مجرد غلاف خارجي .
  • لا تكاد تضع يدك عليه .
  • حتى يتطاير ذرات في الهواء.
  • نجا هود ومن آمن معه .
  • وهلك الجبابرة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع الجزء الثاني

قريباً

أن شاء الله

والحمد لله رب العالمين

دائما وأبدا

جمعه ونقله توثيقا :

عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن يحيى

 العيوني التميمي

واتساب 0507988088

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يكرمنا وإياكم وموتنا

بالعفو والرحمة الواسعة

ويجمعنا بهم بالفردوس الأعلى

من الجنة آمين

‏27‏/07‏/2024م

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You cannot copy content of this page